قصة قصيرة جاهزة للنشر


اليوم هو أخر يوم من دروس المسرح ..هوايتها المفضلة ..لبست الكونفيرس الأسود الذي حال لونه فأصبح رماديا ...هدية قديمة لكنه يبقى الحذاء الرياضي المفضل .. ستذهب بعد ذلك للقاء "مو" أو كما يحب أن يسمي نفسه في بيته حيث لا أحد إلا هو وهي وفضاء للرقص عراة على أغاني الجاز الأمريكية. ..
"دانيلو" أستاذ المسرح النحيل دائما ولسنوات إستقبلها بإبتسامه خفيفة ..وصلت متأخرة لكن هذا لم يغير شيئا في الأشياء...وجدت الأصدقاء جالسين على أرضية خشبية خصصت لتعلم الرقص ..الإضاءة معتمة وصديقها الإسباني السمين يقوم بأداء دور هزلي  بلغته الأم التي لا تفهمها بينما يفهمها أغلب الحاضرين...لا بأس أن تكون العربية الوحيدة بين كل هؤلاء ..."هم أصدقاؤك المسرحيون" ..لبست شالا مزركشا وسننتظر دورها لتغني أغنية باللهجة اللبنانية والتي ليست لهجتها ..."عصفور طل من الشباك وقالي يا لولو ..خبيني عندك خبيني ..دخلك يا لولو" رافقها صديق أخر كانت قد اتفقت معه على مساعدتها بالعزف بقيثارته الإسبانية...إنتهى المشهد صفق لها الحاضرون الأصدقاء ..ثم قام أحدهم يفتح إضاءة المسرح بما أنها أخر من بقى لتقديم مشهده. حان دور الأن "دانيلو" من جدبد ليقول كلماته المعهودة التي يرددها عند نهاية كل دورة
"متى كان اخر مرة تحررت فيها من كل عقدك ؟ وأحببت العالم وحضنت الناس دون مقابل ..متى كان أخر مرة تواصلت فيها مع الإنسان كمفهوم كوني " ثم بسط ذراعيه لاحتضانهم واحدا واحدا.. هي عربية ...مازالت لم تخلع الشال الذي وضعته للتمثيل ..هي عربية وتعشق دروس المسرح. والأحب إلى قلبها الحصة الأخيرة.. تقف على مسافة بعيدة ..المدرب المسرحي يفتح ذراعيه يجري الأصدقاء المسرحيون بالتناوب لعناقه العناق الأخير حان دورها... الأخيرة دائما لتبقى في حضن مدربها لحظة كاملة غير مبتورة.."دانيلو" النحيف مبتسما الأطول منها يقف باسطا ذراعيه ..كانت تحس الانكسار لا تدري لما ذا ...تقف مواجهة "دانيلو" نقيض النقيض ...تجري ..يعرفها جيدا ويعرف أن هذا العناق ليس إعلانا لنهاية دورة وبداية دورة جديدة من دروات المسرح ..إنه إحساس أخر ...
-          قال لها "لاتخافي المسرح لا تخافي ميا كارا"
-          " لازلت خائفة مدربي سأذهب للقاء رجل فإبقني بين ذراعيك لحظة" أجابته
-          "لك ذلك ميا كارا" يبتسم ويربت على كتفها
-          "سأذهب الأن..إلى لقاء أخر في الدورة التالية "
-          "مشهدك الغنائي كان جميلأ مامعني الأغنية"
-           "أتركها هكذا دون فهم ..سأذهب للقاء "مو"" .
-          " غيري الكونفيرس فهو غير رومانسي"
-          "لن أفعل اليوم " أجابت بإبتسامة خفيفة ثم ودعت الأصدقاء دون قبل فقط "إلى لقاء" .....
"مو" صديقها العربي.. إبن عائلة مهاجرة ..يحسب على الجيل الثاني ...ينتظرها ...البيرة ...أع لا تحبها.  لم عليها مجاملة هذا الوغد العربي .. ..فكرت . إبتسم ...كيف حالك؟ بخير يا مو لم تبتسم... فكرت مرة أخرى لم عليها مناكحة هذا الوغد العربي الذي إلتقته في شارع مقرف ملئ بالجالية المهاجرة الفقيرة؟ . ذهب للمطبخ لإحضار كأس لبيرته ...إستغلت فرصة ذهابه ثم بصقت على الأريكة المهترئة ..."سأشغل الموسيقى" ..."نعم لقد أحضرت سي دي الجاز الذي طلبته"  يصيح من المطبخ ...أستسلمت لذاك اللحن الجميل يذكرها بصراعات شعب خبرت تاريخه بعد دراسة أكاديمية ...جاء "مو" سيعريها ...هائج كالثور ...نغمات الجاز توحي لها بأنها في ساحة معركة لحرب أهلية ...تمنت عناقا منه وقبلات الكثير منها .. ..تمنت أن تكون موجودة وقاحلة.. لكنه هو موجود موجود بقرف وجوده يمنع عنها قدرة الجفاف ...بدأت في إستثارة نفسها تخيلته رجلا أخر كانت تحبه.. يعريان بعضهما شيئا فشيئا  ..ويرقصان ..لا بأس من تأجيل ذلك الألم لحين غرة.  




                                                       إمرأة متمردة

تعليقات

  1. المي يتصدع ويتخبط في كل ارجاء غرفتي التي تلفني كالورقة الهرمة والتي اطاح بها الدين والتقاليد والغباء وغياب الامسانية على مسرح هده الجريمة التي يقوم بها القطيع الدي يترك غباره يغتصب عيني بكل قوة وعنف ولكني ساظل امسح هاتان العينان المسودتين من شدة الخوف ولن اركع ولن اسجد للقهر .. حاولت مرات ان اكتب ولكن وجدت نفسي وحيدة اقاوم الاعصار وهاانت تقفين ضد الاعصار والان اجد نفسي لست وحيدة واعتز وافتخر بك ايتها المتمردة... انت حقا بعثي في قرارة نفسي السعادة لرؤيتكي تلودين بتمرد دون تردد يدكر...

    ردحذف
  2. شكرا لك نسرين ولا تتألمي فأمامك الحياة ...ما عليك إلا أن تجدي خيارك المناسب
    شكرا

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة